recent
أخبار ساخنة

تليسكوب جيمس ويب الفضائي James Webb Space Telescope

الصفحة الرئيسية

 تليسكوب جيمس ويب الفضائي، يعتبر من أعظم الإنجازات العلمية في تاريخ علم الفلك والفيزياء وهندسة الفضاء، وأكبر إنجاز هندسي في القرن الـ21 تقريبًا.. تليسكوب فضائي ضخم وشديد التطور لدرجة مذهلة، تم العمل عليه أكتر من 30 سنة، واتصرف عليه اكتر من 10 مليار، علشان في النهاية يصبح أشبه بآلة زمن حقيقية، مهمتها إنها تتطلع إلى أعماق الكون السحيقة، عشان تورينا بداية الكون، وبداية الزمن نفسه.


أربط حزامك، وتعالى معايا النهارده أخدك في رحلة مذهلة لبداية الكون والزمن، ونحكي فيها عن طموح الجنس البشري لما بيعدي كل حدود الخيال.. وكوباية شايك الحلوة بالنعناع أو فنجان القهوة، ويالا بينا ❤☕

التليسكوب اللي بنتكلم عنه هنا، إسمه تليسكوب جيمس ويب الفضائي وتصميمه بدأ رسميًا سنة 1996، كطموح عند علماء الفضاء في وكالة ناسا NASA، إنهم يقدروا في يوم من الأيام يشوفوا اللحظات الأولى في عمر الكون، ويجاوبوا على أسئلة مهمة.. هل إحنا لوحدنا في الكون، ولا ممكن يكون في غيرنا؟!.. بدأنا إزاي، وهننتهي إزاي؟!، وأيه اللي كان موجود في لحظة بداية الزمن نفسه؟! 

التصميم الأولي للتليسكوب كان بيحمل إسم مبدئي هو (تليسكوب الجيل القادم الفضائي)، اتغير إسمه واتسمى على إسم مدير وكالة ناسا (جيمس إدوين ويب)، اللي قاد الوكالة في واحدة من أعظم فتراتها، من 1961 لـ 1968.. أثناء مهمات أبوللو اللي وضعت البشر على القمر لأول مرة في التاريخ.. 

المشروع في الأول كانت ميزانيته هي حوالي 500 مليون دولار أمريكي، وكان متخطط لإطلاقه سنة 2007.. بس في سنة 2005، اكتشفوا إن التليسكوب مش هينفع يكمل بالشكل والتصميم المبدئي اللي هما كانوا عاملينه.. فعملوا عملية إعادة تصميم كاملة له، فضلت مستمرة لحد سنة 2016..😃

20 سنة كاملين بيبنوا التليسكوب!!.. ومش ناسا بس.. لأ.. ده كمان معاهم وكالة الفضاء الأوروبية، ومعاهم كمان وكالة الفضاء الكندية!!.. وأكتر من 258 شركة ووكالة وجامعة. 

كل دول اشتغلوا على المشروع الطموح ده، عشان ينتج عن هذا، واحد من أعقد المشروعات الهندسية في التاريخ.. بس عشان تقدر تفهم الموضوع كويس، وأيه سبب العظمة اللامتناهية بتاعت التليسكوب ده، هحتاج أشرحلك بالضبط التليسكوبات الفضائية دي بتشتغل إزاي من الأساس.. ف ركز معايا في اللي جاي، وتعالى ناخدها واحدة واحدة 👇

● زي ما انت عارف، الطريقة اللي الإنسان أو أي كائن حي عمومًا بيشوف بيها الأجسام، هي إن جسيمات الضوء أو الفوتونات اللي جاية منها، بتنعكس على الشبكية بتاعت العين البشرية بتاعتنا، ومخنا بيعالجها ويورينا صورتها.. لحد كده تمام أوي ومفهوم.. 

النجوم الطبيعية القريبة مننا، زي الشمس مثلًا، بتبقى جسيمات الضوء أو الفوتونات اللي وصلالنا منها أعدادها ضخمة تقدر بالملايين والمليارات، ويمكن التريليونات.. عشان كده عادي بنقدر نشوفها ونستقبلها ونشوفها بعيونا المجردة.. 

إنما النجوم الموجودة على بعد مسافات رهيبة مننا تقدر بمليارات السنين الضوئية، بتبقى الفوتونات اللي جاية منها قليلة جدًا جدًا، لدرجة ان مفيش أي شخص يقدر يشوفها بعينه المجردة، ولا حتى باستعمال أي تليسكوب طبيعي.. 

لازم عشان تشوفها، تكون قادر إنك تستقبل الفوتونات القليلة جدًا والمتفرقة عن بعضها لدرجة عقلك ميستوعبهاش، وتجمعها مع بعضها سواء في عدسة عينك أو التليسكوب، عشان ينتج عنها صورة.. 

التليسكوبات الفضائية دي بقى فكرة عملها باختصار هو إنهم بيبقى فيهم مرايات ضخمة جدًا.. المرايات دي بتستقبل الفوتونات القليلة اللي بتبقى واصلالنا من المجرات والنجوم الواقعة على أبعاد سحيقة عننا في الكون والزمن.. وبعد كدا بتعكسها بزاوية معينة على عدسة مكبرة، هي اللي بتبقى في مركز التليسكوب.. ومع الوقت بتحصل عملية تجميع ومعالجة للفوتونات النادرة دي، وبتبدأ عدسات وأجهزة التليسكوب في تكوين صورة واضحة للجسم الفضائي البعيد اللي هي بتصوره ده.. يعني بتبني الصورة واحدة واحدة، وفوتون فوتون.. كإنها بتركب بازل ضخم وعملاق على مقاييس كونية.. 

بس المشكلة اللي بيسببها بعد النجوم دي عننا، غير إن أعداد الفوتونات اللي جاية منها قليلة؛ هي إن تردد الضوء نفسه اللي جاي منها ضعيف جدًا وغير مرئي!!.. وبالتالي مستحيل أصلًا نشوفه بعيوننا البشرية.. 

الأجسام البعيدة جدًا عننا بقى بيكون الضوء الجاي منها سافر مسافة طويلة جدًا جدًا في الفضاء، تقدر بمليارات السنين.. فبالتالي طول موجة الضوء نفسها بيكون كبير جدًا، عشان هو سافر مسافة كبيرة جدًا.. و كل ما الطول الموجي بيزيد، التردد بتاع الضوء بيقل.. فبالتالي الضوء بتاع الأجسام البعيدة دي بيبقى متكون من (الأشعة تحت الحمراء)، اللي هي بتبقى خافتة جدًا ومنقدرش نشوفها بالعين المجردة.. 


● تليسكوب هابل اللي موجود دلوقتي، المرايات بتاعته قادرة إنها تشوف وتستقبل فوتونات الضوء المرئي والترددات فوق البنفسجية بس.. يعني بيشوف الحاجات القريبة والبعيدة نسبيًا.. إنما الحاجات البعيدة جداً، اللي هي الضوء الجاي منها بيدخل في نطاق الأشعة تحت الحمراء، فمجال رؤيته ليها بيكون محدود جدًا.. ودي كانت مشكلة.. 

ليه؟! 🤔

عشان لو احنا عايزين نشوف بدايات الكون نفسها، فاحنا هنبقى محتاجين تليسكوب قوي جدًا، يقدر يستقبل فوتونات الضوء الضعيفة والقليلة اللي ترددها ضعيف جدًا وتحت الأحمر ، اللي بدأ تكونها من 13.7 مليار سنة، بعد الإنفجار الكبير بحوالي 100 مليون سنة على الأكثر.. غير كده، هيبقى فايتنا كل الأجسام البعيدة جدًا دي، ومش هنشوفها أصلًا.. كإننا مقفول علينا أوضة ضلمة، ومش عارفين نشغل النور عشان نشوف ملامحها.. 

وهي دي بقى عظمة تليسكوب جيمس ويب الجديد اللي هيتم إطلاقه عشان يكون الوريث الرسمي لتليسكوب هابل.. 

● زي ما انت شايف في الصورة كده  👇 التليسكوب هيكون المراية المطلية بالذهب بتاعته دي عرضها أكتر من 6 متر ونص.. يعني 3 أضعاف المراية بتاعت تليسكوب هابل تقريبًا!.. وكمان التليسكوب المفروض إنه عشان يقدر يشتغل ويرصد الأشعة تحت الحمراء اللي تردداتها ضعيفة جدًا، لازم يكون بيشتغل في درجة حرارة باردة جدًا جدًا، عشان أي زيادة في الحرارة هتأثر على المعدات بتاعته وهتخليه ميقدرش يرصد الترددات دي.. ومن هنا بييجي دور الحواجب الشمسية اللي في قاعدة التليسكوب دي.. 

 دي يا سيدي اتصممت بطريقة هندسية مبتكرة، هدفها هو تقليل حرارة الشمس اللي هيواجهها التليسكوب، بأكتر من مليون مرة!!.. عشان توصل حرارته لـسالب 220 درجة مئوية!!.. يعني فوق الصفر المطلق - اللي هو أقل درجة حرارة يمكن الوصول لها - ببضع درجات!! 

● طب هو التليسكوب ده المفروض هيكون مداره حوالين الأرض بردو؟!.. والإجابة لأ يا صديقي.. التليسكوب ده في الواقع هيكون مداره على بُعد ضخم من كوكب الأرض، يقدر بحوالي مليون ونصف كليومتر.. يعني أبعد بآلاف الكيلومترات من القمر نفسه!! 😅

النقطة اللي هيكون موجود فيها بيسموها في علوم الفلك بإسم (نقطة لاجرانج الثانية) دي في الواقع بتبقى مناطق مدارية معينة بتكون الجاذبية بتاعت الشمس والأرض فيها متعادلة تمامًا.. وبالتالي أي جسم سابح فيها بيكون حر في حركته نسبيًا، لا هو متأثر بجاذبية الشمس ولا جاذبية الأرض.. فبيفضل ثابت في مكانه وميستهلكش وقود كتير عشان يحافظ على المدار بتاعه.. 

ومسألة الوقود دي مهمة جدًا، علشان التليسكوب ده بسبب بعده الشاسع عن الأرض، مش هينفع للأسف يتم إطلاق مهمة بشرية لتزويده بالوقود تاني.. فبالتالي مجرد ما الوقود بتاعه يخلص، هيكون بالنسبالنا مفقود تمامًا، ومش هنقدر نسترجعه مرة تانية.. ومتوقع إنه هيفضل شغال لفترة 10 سنين بسبب محدودية الوقود..

● طيب التليسكوب ده هيوصل لمكانه في الفضاء إزاي؟ 🤔


في البداية تم تطبيقه جوه الصاروخ اللي انطلق بيه من الأرض.. وأول ما طلع بره الغلاف الجوي، انفصل التليسكوب عن الصاروخ ودا اللي شوفناه بالفعل، بعد كدا بدأ التليسكوب يسافر في الفضاء، وهيحتاج لمدة 30 يوم عشان يوصل لنقطة لاجرانج.. وبعدين هيبدأ يتفكك بشكل أوتوماتيكي، والدرع الشمسي بتاعه هيتفرد بطريقة مبتكرة وشديدة التعقيد لحد ما يبقى مفرود بالكامل.. وبعدها الأجهزة والمستشعرات بتاعته هتبدأ تحضر نفسها للعمل تباعاً والاستعداد للمهمات، اللي هما حوالي 344 خطوة تقريبًا!!.. ولو أي خطوة فيهم حصل فيها أي مشكلة، هيبقى كده التليسكوب باظ، والمهمة كلها فشلت.. 

بس لو نجح، وده المتوقع بنسبة 99.9% ، هيبقى إحنا كده حرفيًا على أعتاب عصر جديد من الإكتشافات العلمية والحضارية اللي محدش يقدر يتخيلها.. 

زي أيه؟! 

● أول حاجة.. التليسكوب ده بسبب قدرته العظيمة على إنه يجمع الفوتونات شديدة الندرة والخفوت، وإنه يشوف الترددات الضوئية تحت الحمراء بكفاءة، فهو قادر يشوف أبعد مجرات موجودة في الكون كله.. المجرات الأولى اللي اتشكلت بعد بداية الكون في الإنفجار الكبير، من 13 ونص مليار سنة تقريبًا!!.. تخيل إنك تشوف بعينك أول مجرة اتكونت في الكون، وتعرف منها التطور اللي حصل للمجرات التانية، بما فيهم المجرة بتاعتنا! 

كمان هيقدر إنه يرجع بالزمن لحد اللحظة اللي كان الكون فيها عبارة عن سحابة ضخمة من الغازات الأولية الشفافة، ومكانش فيه لسه أي نور، عشان جسيمات الضوء نفسها مكانتش لسه اتكونت.. فلما بدأت الذرات بعد كده تتشكل، والسحب الثقيلة دي تندمج وتتفاعل مع بعضها، جت اللحظة اللي نورت فيها النجوم لأول مرة وسط الضلمة الكونية الأزلية دي.. أهو التليسكوب ده بردو هيقدر يصورلنا اللحظة اللي بدأت فيها النجوم تنور!.. ومنها هنعرف الكون بتاعنا ده كله بدأ إزاي.. وهنشوف بداية النور نفسه!! 


● طب ازاي بيرجع بالزمن ويشوف ماضي الكون؟!


الفكرة ف مفهوم سرعة الضوء.. الضوء بياخد فترة معينة عشان يقطع المسافات الطويلة اللي بيجيلنا منها.. يعني لو في نجم على بعد ١٣ مليار سنة ضوئية مننا، فمعنى كده ان النور اللي خرج منه بقاله ١٣ مليار سنة مسافر في الفضاء ولسه واصلنا حالًا.. فبنكون شايفين الجسم زي ما كان من ١٣ مليار سنة لما طلع الضوء ده منه..

وبنفس المنطلق، تليسكوب جيمس ويب كل ما هيشوف أبعد، كل ما هيكون بيشوف الماضي السحيق وبدايات الكون والزمن بالمعنى الحرفي للكلمة..

طب بس كده؟!.. لأ طبعًا.. ده كمان التليسكوب بسبب قدرته التكبيرية الفائقة، هيقدر يصور الأغلفة الجوية للكواكب الخارجية الواقعة خارج مجموعتنا الشمسية.. 

وهيقدر يعرف التكوين الغازي بتاع الكواكب دي بمنتهى الدقة، ومنها يعرف ما إذا كان أي واحد منها صالح للحياة ولا لأ.. 

وكمان هيقدر يدلنا بشكل قاطع عن وجود حياة عضوية على أي كوكب في المجرة ولا لأ!!.. هيقدر حتى يرصد تطور حياة أي كائنات ذكية على كواكب أخرى بعيدة، ويشوفها زي ما كانت منذ آلاف، وربما ملايين السنين!! 

لو مش متخيل مدى عظمة مجال الرؤية بتاع التليسكوب، فقارن بين صورة تليسكوب هابل لسديم أعمدة الخلق الشهير متصور بالأشعة المرئية العادية، وجنبها صورة لنفس السديم متصور بالأشعة تحت الحمراء.. شوف مدى وضوح الصورة تحت الحمراء عامل إزاي، وفيها كام تفصيلة ونجمة جديدة ظهرت من ورا السحب الغازية العملاقة، كإنها ستارة وانزاحت عن عيوننا.. 

الحقيقة إن التليسكوب ده مش بس واحد من أعظم الإنجازات الهندسية والفضائية للبشر في التاريخ، بل هو حرفيًا هيقدر يفتحلنا شباك رؤية جديد على الفضاء، نشوف منه بداية الزمن نفسه.. 

google-playkhamsatmostaqltradent